– تحضير نص صانعة الفخار ثالثة متوسط

 

صانعة الفخار : إبداع المرأة بين الطين والنار 

– تحضير نص ثالثة متوسط  صفحة 132

في مقطع الصناعات التقليدية من كتاب اللغة العربية للسنة الثالثة متوسط، نتوقف مع نص أدبي بديع بعنوان "صانعة الفخار" للأديب عبد الحميد بن هدوقة، حيث نكتشف من خلاله صورة المرأة التي لا ترى في مهنتها مجرّد عمل يدوي، بل حرفة تنبع من أعماق روحها، وتُترجم في كل قطعة فخار تحمل بصمتها الخاصة. في هذا المقال، نقدّم لكم تحضيرًا شاملًا وتحليلًا بلاغيًا مميزًا لهذا النص، مرفقًا بالأفكار الأساسية، الشرح، الفكرة العامة، المغزى، والقيمة التربوية للنص، وذلك في إطار دعم تلاميذ السنة الثالثة متوسط وكل المهتمين باللغة والفن.

تحضير نص  صانعة الفخار ثالثة متوسط



النص

 . أعاد الموقِدُ إلى بيَْتِنَا الدّفْءَ والحَرَارةَ يَا بنَُيّ، وأرَْدَفَتْ قَائِلةً في نفسِها 

النَّاَرَ، النَّارَ، لَولاها لَما اِسْتَطَعْتُ صُنع آنِيَة وَاحِدَة. وَاِنْطَلَقَ بَصَرُهَا بَاحِثًا عن الأوَانِي المَبْثُوثَة فِي الْقَاعَةِ… فَهِي كَانَتْ ترَى الأَوَانِي آنِيَةً آنِيَةً بِكُلِّ ذَرّات شُعُورِهَا؛ تَرَى الأَكْوَابَ وَالصِّحَافَ وَالْجِفَانَ وَالطَّوَاجِنَ وَترى الْمُزَخْرَفَ وَالمَنْقُوشَ وَالْمُلَوّن وما لا زَخْرَفَةَ فِيهِ وَلا نَقْشَ عَلَيهِ.كَانَتْ نَفْسُهَا مُكْتَظَّةً بِالأوَانِي الْمَوْجُودَةِ فِي كُلّ مَكَانٍ من قَاعَة الْبَيْتِ..

وَكَانَ مَاضِيهَا أيضا مَمْلُوءًا بِهَذِهِ الصِّنَاعَة؛ فَهِي فَنّانَةٌ، وَفَنُّهَا أَكسبتهَا إيَِّاهُ السّنُونُ الطَّوِيلَة التَِّي عاشَتهَا، وَأكْسبهَا إيَِّاهُ الْعَمَلُ الْمُتَوَاصِل الّذِي لَمْ تَنْقَطِعْ عَنهُ طَوَال حَيَاتهَا، وَأَكْسَبتهَا إيَِّاهُ الْوِرَاثَة، فَقَدْ كَانَتْ أُمُّهَا صَانِعَة فَخَّارٍ، ثُمَّ أكْسبَهَا إيَِّاهُ شَغفٌ دَائِمُ وَطمُوحٌ مُتَوَاصِل نَحْو الإتْقَانِ.

كَانَتْ كلّما شَرَعتْ في صُنْع آنِيَةٍ أَفرَغَتْ في إنِْشَائِهَا جُهْدهَا وكُلَّ حَنَانِهَا وَكُلَّ شَوْقِهَا، ورسمَتْ علَيها كُلَّ مَا يجري حَوْلهَا مِن أَحدَاث وما يَعتَمِل فِي نَفْسهَا مِنْ عوَاطف رسمَتْ ذَلِكَ خطوطا مُسْتَقِيمَة أو متكسّرة أو مُتَوَازِيَةً أو مُتلاقيةً. ومنْ جَمِيع تِلْكَ الْخُطُوط تَبْرُزُ فِي النِّهَايَةِ رُسُومٌ جَمِيلَة الْهَنْدَسَةِ وَأَشْكَال تُعبِّرُ عَنْ ذِكْرَيَاتٍ وَأَحْدَاثٍ لايَفْهَم رَمْزَهَا النَّاس.

لم تَكنْ تَهْتَمُّ بِالنَّاسِ أَنْ يَفْهَمُوا زَخْرَفَتَهَا أو لا يَفْهَمُوا، فَهِي ليَْسَتْ مُؤَرِّخَة إنِمََّا صَانِعَةُ فَخَّار. فَخّارهَا إنْ لَمْ يُذَكِّرِ النَّاسَ بِأَحْدَاثٍ مَرَّتْ بِهمْ فهو عَلَى كُلِّ حَال يَكْفِيهم حاجتَهُمْ فيمَا يَسْتَعْمِلُونَهُ لِلطّعَامِ وَالشّرابِ. 

عبد الحميد بن هدوقة. ريح الجنوب 

  

ثانيًا: تقسيم النص إلى فقرات وتحليلها مع الأفكار الأساسية

الفقرة الأولى (دمج الفقرة 1 و2):

من: "أعاد الموقد..." إلى "...من قاعة البيت."

الفكرة الأساسية:
الدفء لا ينبع من النار وحدها، بل من قلب امرأة تملأ بيتها بفخارٍ يحمل من روحها ما يفوق اللهب دفئًا.

التحليل:
في هذه الفقرة المدمجة، يعرض الكاتب مشهدًا دافئًا لموقد يُشعل لا ليُطهى عليه، بل ليُحيي الفخار، وفيه تسكب المرأة جزءًا من ذاتها. فالنار في بيتها ليست مجرّد وسيلة، بل بداية حياة لأوانٍ تنبض بالمشاعر، وتُزيّن البيت بحضورها الإنساني.


الفقرة الثانية:

من: "وكان ماضيها أيضًا..." إلى "...نحو الإتقان."

الفكرة الأساسية:
ماضيها صناعة، وحاضرها عشق، ووراثة الأم كانت البذرة التي سقتها سنون التعب وشغف الإبداع.

التحليل:
يبيّن الكاتب كيف أن حبها للفخار ليس وليد اللحظة، بل هو امتداد لتاريخ عائلي، ترسّخ فيها منذ الصغر، وتحوّل مع الأيام إلى رحلة بحث عن الإتقان، تمارس فيها الفخر بنفسها، وتتحدى التعب بإيمانها بالفن.


الفقرة الثالثة:

من: "كانت كلما شرعت..." إلى "...يفهم رمزها الناس."

الفكرة الأساسية:
كل قطعة فخار كانت قصيدة شعور، نقشٌ على طينٍ ينبض بالحياة.

التحليل:
هنا تتجلّى روح المرأة في فنها، حيث لا تُشكّل الطين فقط، بل تنقش على أوانيها ما لا تستطيع البوح به، وكأنها تكتب شعرًا صامتًا بلغة النقوش والرموز، لا تحتاج لأن تُفهم، بل لتُحسّ.


الفقرة الرابعة:

من: "لم تكن تهتم..." إلى نهاية النص.

الفكرة الأساسية:
لم تكن تسعى إلى التأريخ، بل إلى التخلّص من عبء الشعور، ففخارها لا يحتاج إلى ترجمان، يكفي أنه يطعم ويروي.

التحليل:
المرأة في هذه الفقرة ليست مؤرّخة تسعى لتوثيق لحظة، بل فنانة تعبّر عن نفسها لتخفّف من عبء الإحساس. فحتى إن بقيت زخارفها لغزًا للآخرين، يكفيها أن فخارها يخدم الناس، ويعبّر عن صدقها.


ثالثًا: الفكرة العامة للنص  

الفخار في يد المرأة ليس مجرد طين يُشكّل بالنار، بل هو امتداد لروحها، ونبض لقلبها، ومرآة لعالمها الداخلي، حيث يتحول العمل اليدوي إلى سيمفونية من المشاعر المنحوتة على سطح الحياة.

التحليل

يتناول الكاتب صورة المرأة التي تمارس فن الفخار لا كمهنة تقليدية، بل كوسيلة للتعبير عن أحاسيسها وأفكارها، فكل آنية فخار تصنعها، هي مرآة لمشاعرها، حاملة لذكرياتها، ومفعمة بروحها. إنها فنانة بالفطرة، ورثت الحرفة عن أمها، لكنها صقلتها بالحب والخيال والوجدان.


رابعًا: شرح المفردات الصعبة في النص

  • الموقد: المكان الذي تُشعل فيه النار.

  • قاعة البيت: الغرفة الواسعة الرئيسية.

  • الإتقان: أداء الشيء بإحكام وجودة عالية.

  • الزخارف: نقوش فنية تُزيّن بها الأشياء.

  • الرمز: إشارة أو شكل يُعبّر عن معنى خفي.

  • العبء: ما يُثقل القلب أو النفس.


خامسًا: المغزى العام من النص

حين تمتزج الموهبة بالموروث، ويتغلغل الحب في العمل، يصبح الإبداع مرآة للروح، يلامس الحياة ويمنحها معنى أعمق وأبقى.


سادسًا: القيمة التربوية والفنية للنص

يعلمنا النص أن المرأة حين تحب عملها، تجعله أداة للتعبير عن ذاتها، فتُبدع، وتُعطي، وتخلّد بصمتها حتى في أكثر الأشياء بساطةً، وأن الصناعات التقليدية ليست مجرّد تراث، بل مساحات للإبداع الإنساني.


سابعًا: تلخيص النص  

في نص "صانعة الفخار"، يقدّم عبد الحميد بن هدوقة صورة شاعرية لامرأة عشقت مهنتها، فجعلت من الطين ناطقًا باسم مشاعرها، ومن النار شعلة حياة. لم تكن صانعة فخار فحسب، بل كانت صانعة إحساس، ترث المهنة من أمّها، فتمنحها لونًا من الوجدان. لم تهتم أن يفهم الناس نقوشها، يكفيها أن تُخرج من داخلها ما يعجز الكلام عن قوله، لأن الفن أصدق حين يُمارَس حبًّا، لا شهرة.


إرسال تعليق

نشكر قراءنا الأعزاء على طرح أسئلتهم القيمة التي تحفزنا لتقديم محتوى أكثر فائدة لعقول راقية تسعى للتعلم والنمو.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال